إيطاليا تبرز كوسيط في الخلاف الجزائري الأوروبي
تشهد العلاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي توتراً متزايداً في الأشهر الأخيرة، في ظل خلافات سياسية واقتصادية أثرت على مسار الشراكة بين الطرفين. وبينما تسعى عدة دول أوروبية إلى احتواء الأزمة، ظهرت إيطاليا كلاعب رئيسي، معززة مكانتها كوسيط محتمل وباحثة عن توازن دقيق بين مصالحها وتعهداتها الأوروبية.
وقد برز الدور الإيطالي مؤخراً في ضوء الزيارات المتبادلة بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. فقد أكدت إيطاليا التزامها بتقوية العلاقات الثنائية مع الجزائر، سواء في مجال الطاقة أو في قطاعات أخرى، معتبرة الشراكة مع الجزائر استراتيجية لمصالحها الإقليمية، دون المساس بتعهداتها تجاه الاتحاد الأوروبي.
التقارب الجزائري الإيطالي دفع بعض المراقبين الأوروبيين إلى تسليط الضوء على روما كلاعب موازن في الخلاف، خاصة بعد تصريحات المسؤولين الإيطاليين الداعية إلى الحوار والبحث عن حلول سلمية تحفظ مصالح جميع الأطراف. وفي السياق ذاته، أفادت وسائل إعلام دولية بأن الحكومة الإيطالية عبرت لمسؤولي الاتحاد الأوروبي عن رغبتها في تهدئة الأوضاع مع الجزائر وعدم تصعيد الخلاف الحالي، مؤكدة أنها على استعداد للعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر، خصوصاً في الملفات الاقتصادية الحساسة على غرار ملف الطاقة والهجرة.
من جهتها، أبدت الجزائر انفتاحها على كل المبادرات التي تضمن الاحترام المتبادل والشراكة المتوازنة، معتبرة أن التحركات الإيطالية تعكس وعياً متزايداً بأهمية العلاقات الاستراتيجية بين ضفتي المتوسط. وتراهن الجزائر على استمرار العلاقات الوثيقة مع روما، بعيداً عن التوترات مع بعض العواصم الأوروبية الأخرى.
وسط هذه التطورات، يرى خبراء أن الدور الإيطالي يحمل طابعاً خاصاً، نظراً للمصالح المتشابكة بين الجانبين وسجل التعاون الذي شهد زخماً كبيراً في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال الطاقة، إذ صارت الجزائر من أكبر ممولي إيطاليا بالغاز الطبيعي.
ومع استمرار المشاورات بين الجزائر وإيطاليا ودوائر صنع القرار الأوروبي، يبقى الدور الإيطالي محورياً في تهدئة الأجواء ومحاولة بناء جسور ثقة جديدة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. ويبقى نجاح إيطاليا في مهمتها رهن قدرة روما على الموازنة بين ضروراتها الوطنية ومتطلبات التضامن الأوروبي، في ظل واقع إقليمي معقد يفرض تحديات وفرصاً في الآن ذاته.