استئناف نشاط رينو في الجزائر وسط حزم رئاسي من تبون

عادت شركة رينو الفرنسية إلى واجهة الأحداث في الجزائر بعد فترة من التوقف والجدل حول مستقبل مصنعها في ولاية وهران. يجري هذا التطور في ظل متابعة حثيثة من السلطات الجزائرية وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أكد في أكثر من مناسبة على أهمية حماية الصناعات الوطنية وفرض شروط صارمة على المتعاملين الأجانب.

وكان الرئيس تبون قد أعرب عن عدم رضاه عن ممارسات بعض شركات السيارات الأجنبية التي سبق أن حصلت على امتيازات في السوق الجزائرية، متّهماً بعضها بالاعتماد على ما أسماه “واردات مقنّعة” دون تطوير قاعدة إنتاج محلية حقيقية تُسهم في خلق مناصب شغل ونقل تكنولوجيا فعالة.

خلفية الأزمة تعود إلى قرارات حكومية سابقة أجبرت العديد من المصانع، من بينها مصنع رينو في وهران، على تعليق نشاطها منذ عام 2020. ورغم مرور سنوات من التفاوض، ما تزال عودة مصانع السيارات رهينة بموافقة السلطات التي وضعت دفاتر شروط دقيقة تهدف إلى ضمان نسبة عالية من الإدماج المحلي، وتعزيز الصناعة الجزائرية بعيداً عن مجرد التجميع السطحي للسيارات المستوردة.

مصادر اقتصادية أشارت إلى أن السلطات الجزائرية تصر على نجاعة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات حساسة مثل صناعة السيارات. ويشترط الجانب الجزائري التزاماً كاملاً من رينو بنقل المعرفة وتكوين العمال الجزائريين، فضلاً عن توفير قطع الغيار محلياً وخلق شبكة تموين جزائرية.

هذا الموقف الصارم يأتي في سياق إصلاحات اقتصادية أوسع يقودها الرئيس تبون لتقليص التبعية للخارج وتحفيز الصناعة الوطنية في مختلف المجالات. ويرى مراقبون أن نجاح رينو في إعادة تشغيل مصنعها بالجزائر مرهون بمدى التزامها بهذه الشروط الجديدة التي وضعتها الحكومة، والتي تعكس إرادة سياسية واضحة لتحويل الجزائر إلى قطب صناعي إقليمي قوي.

ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة جولات جديدة من الحوار بين إدارة رينو والمسؤولين الجزائريين، في وقت تزداد فيه تطلعات السوق المحلية لسيارات ذات جودة عالية وسعر مناسب. يبقى مستقبل الاستثمار الأجنبي في الجزائر متعلقاً بمدى قدرة الشركات العالمية على التكيّف مع متطلبات السياسة الصناعية الوطنية الجديدة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *