الجزائر تعزز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بعيداً عن التأثير الفرنسي
شهدت العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تحولاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث تسعى الجزائر إلى تنويع شركائها الأوروبيين وتخفيض الاعتماد على قنوات التواصل التقليدية المرتبطة بفرنسا. يأتي هذا التوجه في ظل تزايد التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وباريس على خلفية عدة ملفات إقليمية ودولية، وعلى رأسها موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية والدعم المعلن للمخطط المغربي.
في السنوات الأخيرة، انتهجت الجزائر سياسة خارجية تركز على إعادة رسم ملامح التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر استقلالية، بعيداً عن التأثير الفرنسي. وقد عززت الجزائر علاقاتها مع العديد من الدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا، إيطاليا وإسبانيا، من خلال توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، والتركيز على مجالات الطاقة والغاز، لا سيما مع تنامي الاهتمام الأوروبي بمصادر الطاقة البديلة عقب الأزمات الدولية الأخيرة.
وفي منتصف عام 2025، شهدت المبادلات التجارية بين الجزائر ودول الاتحاد الأوروبي تراجعاً بسبب بعض القيود التجارية التي فرضتها الجزائر لحماية منتجها الوطني، ما دفع الاتحاد الأوروبي لبدء إجراءات تحكيم رسمي ضد الجزائر عبر هيئاته الخاصة. غير أن هذه الخطوات لم تمنع الجزائر من مواصلة بناء علاقات ثنائية مباشرة مع بلدان أوروبية متعددة، في مسعى للتقليل من الاعتماد على فرنسا كوسيط تقليدي مع أوروبا.
وتُرجع بعض التحليلات هذا التحول إلى رغبة الجزائر في ترسيخ موقعها كفاعل إقليمي مستقل، وتعزيز التنوع في الشراكات الاقتصادية والدبلوماسية، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل والمغرب العربي. ويؤكد خبراء أن هذا النهج يسير بالتوازي مع الجهود الجزائرية للحفاظ على دورها المحوري كمصدر أساسي للطاقة لدول القارة الأوروبية.
تجدر الإشارة إلى أن السياسة الجزائرية الجديدة في التعامل مع الاتحاد الأوروبي تعكس رغبة واضحة في إعادة التوازن إلى علاقاتها الدولية وتعزيز سيادتها، وهو ما يبدو جلياً في إبرام اتفاقيات ومبادرات مباشرة مع عدة دول أوروبية، بعيداً عن التأثير التقليدي للعاصمة الفرنسية والخيارات الدبلوماسية المتعارف عليها في السابق.