العاهل المغربي يجدد دعوته للحوار مع الجزائر: رسائل ودلالات جديدة في ظل التوتر المتواصل
في مناسبة عيد العرش لعام 2025، جدد الملك محمد السادس دعوته للجزائر لبدء حوار صريح ومسؤول، مؤكدًا استعداده لطي صفحة الخلافات بين البلدين والدفع بعلاقات ثنائية أكثر تعاونًا. تأتي هذه المبادرة بعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية والتوتر السياسي المتزايد بين المغرب والجزائر، والتي أثرت بشكل كبير على توازنات شمال إفريقيا واستقرار المنطقة المغاربية.
وركز الخطاب الملكي، الذي ألقاه ملك المغرب في نهاية يوليو 2025، على أهمية بناء جسور الثقة بين الجارتين، داعيًا إلى التحلي بالحكمة وتغليب المصالح المشتركة للشعبين. كما أشار إلى الحاجة لفتح قنوات الاتصال المباشر، والعمل معًا من أجل تجاوز الخلافات المزمنة.
ويرى متابعون أن «اليد الممدودة» الجديدة تحمل إشارات واضحة إلى رغبة المغرب في تخفيف حدة الصراع التاريخي والتطلع إلى مرحلة جديدة من التعاون. ولم تغفل الدوائر الإعلامية والسياسية عن تناول الخطاب بتحليل أبعاده، حيث اعتبر البعض أن الرسائل الموجهة للجزائر تتجاوز الشؤون الثنائية لتشمل قضايا التنمية والاندماج الاقتصادي الإقليمي، فضلاً عن دعوة لمواجهة التحديات المشتركة كالأمن ومكافحة الإرهاب وتطوير البنية التحتية العابرة للحدود.
لكن المبادرة المغربية رافقتها أيضًا تساؤلات واسعة حول مدى تجاوب القيادة الجزائرية، سيما وأن التصريحات الرسمية من الجزائر لم تتعد حتى الآن حدود الترحيب المشروط أو التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية دون تقديم خطوات عملية ملموسة نحو الحوار.
ويؤكد خبراء في الشؤون المغاربية أن نجاح هذه المبادرات يعتمد على الرغبة السياسية لدى الطرفين وتوفر إرادة حقيقية لفتح صفحة جديدة. ويرى البعض أن مبادرة محمد السادس جاءت نتيجة ضغوط عدة، من بينها التحديات الاقتصادية الإقليمية، الحاجة لجذب الاستثمارات الخارجية، وتحريك الدينامية الاقتصادية، فضلًا عن محاولة المغرب لتبني دور وسيط للتقريب بين شعوب المنطقة المغاربية.
وفي ظل استمرار الانقسام، يبقى مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية رهين الخطوات المتبادلة وحتمية وجود تنازلات من الطرفين، مع توقعات بأن تشهد الأشهر المقبلة تحركات هادئة خلف الكواليس، في محاولة لاختبار النوايا وتقييم فرص الحوار الفعلي على المستويين الرسمي والشعبي.