تحولات اقتصادية عميقة ترسم ملامح اقتصاد الجزائر الجديد
شهد الاقتصاد الجزائري في السنوات الأخيرة تحوّلات جوهرية، أدت إلى تغييرات ملموسة في بنيته وآفاقه المستقبلية، وهو ما أكّدته تقارير اقتصادية دولية حديثة، مثل تقرير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025. وتأتي هذه التحولات كنتيجة لإستراتيجيات حكومية هدفت إلى تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية والخدماتية.
وفقا لأحدث التقارير، يتوقع أن يحقق الاقتصاد الجزائري نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 3.3% في 2025، مدعومًا بتعافي قطاع المحروقات وزيادة الاستثمارات العامة، رغم التأثيرات الخارجية مثل تقلبات أسعار النفط العالمية والتحديات المالية الناتجة عن ارتفاع عجز الميزانية إلى مستويات تجاوزت 13% من الناتج المحلي في 2024.
كما تجسدت هذه التحولات من خلال سياسة حكومية متبصرة ركزت على دعم الإنتاج المحلي وتحفيز الصادرات غير النفطية، مثل الأسمدة والمنتجات المعدنية ومواد البناء، مما ساهم في توسيع القاعدة الاقتصادية وفتح المجال أمام التنويع والتنافسية. ويرى خبراء الاقتصاد أن نجاح هذه السياسات مشروط بمواصلة الإصلاحات الهيكلية وتوفير بيئة محفزة للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء.
وفي ظل هذه الديناميكية الجديدة، باتت الجزائر تراهن على استدامة النمو من خلال تحسين الإنتاجية وتوفير فرص عمل جديدة لفئة الشباب، إلى جانب تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التوازن المالي، وهو ما يجعل الاقتصاد الوطني على أعتاب مرحلة انتقالية تعد بالكثير من الآفاق الإيجابية.
ويتفق مراقبون أن الطريق نحو بناء اقتصاد حديث لا يزال يحتاج إلى الإنضباط في الإنفاق وتطوير السياسات النقدية وتنويع مصادر الدخل بشكل أكبر، مع التشديد على أهمية الابتكار والتكنولوجيا في دعم التحول الاقتصادي.
ختاماً، تشير المؤشرات إلى أن الاقتصاد الجزائري في طريقه إلى تثبيت قواعد جديدة للنمو المستدام، مستفيداً من موارده الطبيعية وقدراته البشرية، ومعولاً على الإسراع في وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والتكيف مع متطلبات السوق العالمية.