تطور الشراكة الجزائرية الإيطالية يثير قلقاً فرنسياً متزايداً
شهدت العلاقات بين الجزائر وإيطاليا خلال الأشهر الأخيرة تقدماً ملحوظاً في مجالات التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، ما أثار ردود فعل متوترة في الأوساط السياسية الفرنسية التي ترى أن الشراكة الجديدة قد تضعف النفوذ الفرنسي التقليدي في منطقة شمال إفريقيا.
وأعرب مراقبون عن أن تعزيز التعاون بين الجزائر وروما يأتي في ظل تراجع العلاقات بين الجزائر وباريس، خصوصاً بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية المتتالية التي أدت إلى تدهور الثقة بين البلدين. وقد تجلى هذا التوتر في تقليص حصة الشركات الفرنسية بالسوق الجزائرية، وانخفاض حجم المبادلات التجارية بين الجانبين، بينما عملت الجزائر على تنويع شركائها الأوروبيين وخصوصاً عبر إيطاليا التي عززت من شراكتها مع الجزائر في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
وتنظر باريس بعين القلق إلى تصاعد النفوذ الإيطالي في الجزائر، خاصة أن ضمن ملف الطاقة الذي يمثل أهمية خاصةً لأوروبا في ظل الأزمات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. وترى عدة مصادر أن الجزائر باتت تراهن على الشراكة مع روما لتأمين احتياجاتها من التكنولوجيا والاستثمارات، بما يتيح لها تعزيز استقلالها الاقتصادي والسياسي عن فرنسا.
وفي المقابل، تحاول باريس سد الهوة المتزايدة عبر مبادرات دبلوماسية، آخرها المحادثات التي أجراها مسؤولو البلدين في محاولة لإعادة الثقة واستعادة جو الحوار، إلا أن مؤشرات عديدة تؤكد أن العودة للعلاقات الوثيقة بين الجزائر وفرنسا باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.
وعلى ضوء هذه التطورات، يرى محللون أن توجه الجزائر نحو تعزيز التعاون مع إيطاليا يعد رسالة سياسية واضحة مفادها الرغبة في الخروج من دائرة الهيمنة التقليدية، وبحثها عن تنوع في الشركاء يحقق لها مكاسب استراتيجية على المدى الطويل. هذا التحول يعكس أيضاً ديناميكيات جديدة في توازنات القوى جنوب المتوسط، ويُنذِر بإعادة تشكل التحالفات الإقليمية لصالح مصالح الجزائر الإيطالية المشتركة على حساب النفوذ الفرنسي التقليدي.