ضغوط إعلامية مغربية على المؤرخ بنجامين ستورا بسبب مواقفه حول الجزائر
تشهد الساحة الإعلامية مؤخراً جدلاً واسعاً بين الصحافة المغربية والمؤرخ الفرنسي المعروف بنجامين ستورا، وذلك إثر التصريحات والمواقف التي عبّر عنها الأخير بشأن الملفات التاريخية المرتبطة بالجزائر، خصوصاً ما يتعلق بعلاقات الجزائر مع فرنسا وقضية الصحراء المغربية.
يرى متابعون أن انتقادات الصحافة المغربية لستورا تكثفت بعدما ظل موقفه داعماً للرواية الجزائرية حول قضايا الذاكرة الاستعمارية والفترات الحساسة التي مرت بها الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي، وكذلك بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء. وتركز بعض وسائل الإعلام المغربية المقربة من دوائر القرار الرسمي على التشكيك في حياده التاريخي، متهمة إياه بخدمة أجندات الطرف الجزائري وتجاهل الحقائق المرتبطة بالمغرب وتاريخه.
يرجع جزء من هذا التصعيد إلى ما يُعتبر، بحسب الصحافة المغربية، محاولة ستورا لتغيير السرديات التاريخية المرتبطة بملفات ساخنة في المنطقة المغاربية، الأمر الذي تعتبره الأوساط المغربية إضراراً بصورتها ومصالحها الوطنية. من جانبها ترى أوساط فرنسية وجزائرية أن مواقف ستورا تأتي من منطلق أكاديمي يسعى لفهم أعمق للتاريخ المشترك ومتطلبات المصالحة بين الضفتين المتوسطية.
من الجدير بالذكر أن بنجامين ستورا يُعد من أشهر المؤرخين المهتمين بالمنطقة المغاربية وملف العلاقات الفرنسية الجزائرية، ولديه كتابات ودراسات عدة تُستَشهد بها في الجانبين، لكن حساسية بعض المواضيع تجعله في موقع جدل دائم بين المغرب والجزائر.
ويولي ستورا في تصريحاته اهتماماً خاصاً بضرورة الاعتراف بالحقائق التاريخية والعمل من أجل مصالحة شاملة بين الشعوب المغاربية، بعيداً عن الخلافات السياسية. كما يرى أن معالجة قضايا الذاكرة خطوة مهمة لتجاوز التوترات القديمة والتأسيس لعلاقات مستقرة في المنطقة.
في المقابل، تستمر بعض منابر الإعلام المغربي برسم صورة سلبية للمؤرخ الفرنسي، معتبرة أن ما يطرحه من رؤى تاريخية يخدم رؤية أحادية تكرس الانقسام بدلاً من صنع الجسور بين شعوب المغرب العربي.
في النهاية، يظل الجدل حول دور المؤرخين في صياغة الذاكرة الجماعية محورياً، خصوصاً في منطقة تعج بالخلافات ذات الجذور التاريخية والسياسية كالمنطقة المغاربية.