هل اقتربت نهاية السوق السوداء للعملات في الجزائر؟

تشهد السوق السوداء للعملات الأجنبية في الجزائر تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة وسط إجراءات حكومية تهدف إلى تقنين سوق الصرف وتعزيز الاحتياطات النقدية للبلاد. لطالما اعتبرت السوق السوداء ملاذاً للراغبين في شراء العملات الصعبة خارج القنوات الرسمية، خاصة مع قيود مشددة تفرضها السلطات المالية على تداول العملات الأجنبية. لكن، مع موجة الإصلاحات الجديدة والسياسات الصارمة، بدأ الكثيرون يتساءلون عما إذا كانت هذه السوق ستستمر أم أن نهايتها قد اقتربت.

تاريخياً، ارتبط نشاط السوق الموازي بالقيود التي تضعها الدولة على شراء العملات عبر البنوك، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية نتيجة السفر، العلاج، أو التجارة. كثيراً ما تجاوزت أسعار الصرف في السوق الموازي الأسعار الرسمية بفارق كبير قد يصل إلى 35%، وهذا ما شكّل ضغطًا مستمرًا على قيمة الدينار داخل النظام المالي الوطني.

خلال عام 2025، قامت الحكومة الجزائرية بعدة خطوات لمحاولة ضبط هذه السوق، من بينها رفع بعض القيود على شراء العملة الأجنبية وتحديد سقف سنوي لإخراج العملة قدره 7500 يورو فقط للفرد، بهدف تقليل تسرب العملات الأجنبية للخارج. وسعياً لمواكبة التغيرات، يجري العمل أيضاً على تحسين تسعير الدينار الرسمي وتقريب الفجوة بين السوقين الرسمي والموازي، ما من شأنه أن يحد من إغراءات السوق السوداء.

تعزو مصادر اقتصادية أسباب استمرار السوق الموازية إلى التضخم، تراجع قيمة الدينار، وغياب الثقة في بعض الآليات المالية. كذلك تلعب المتغيرات الإقليمية والدولية مثل الأزمات المالية والحروب دوراً إضافياً في زيادة الطلب على العملات الصعبة.

مع كل هذه المتغيرات، هناك توقعات متفاوتة بشأن مستقبل السوق السوداء للعملات في الجزائر؛ البعض يرى أن التشريعات الجديدة وسياسات البنك المركزي قد تؤدي تدريجياً إلى تراجع حجم هذه السوق، خصوصاً إذا تم توسيع الخيارات الرسمية وتوفير سيولة كافية للمواطنين والمستثمرين. في المقابل، يحذر آخرون من أن استمرار الفارق بين السوقين وضعف كفاءة الإصلاحات قد يطيل من عمر السوق الموازي.

في الختام، ما تزال الساحة الاقتصادية الجزائرية ترقب عن كثب ما ستسفر عنه الإجراءات الحكومية الأخيرة من نتائج، وسط توقعات بمزيد من التغيرات التي قد تضع حداً نهائياً لنشاط السوق السوداء لتداول العملات أو تعيد تشكيلها بشكل مختلف في السنوات المقبلة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *