هل تأثرت مكانة الغاز الجزائري بعد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟
شهدت الساحة الدولية مؤخراً توقيع اتفاق جديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين طرفي الأطلسي في مجالات متعددة، أبرزها قطاع الطاقة. أثار هذا الاتفاق تساؤلات حول مستقبل صادرات الغاز الجزائري، لا سيما في ظل الاعتماد الأوروبي التقليدي على الجزائر كمصدر رئيسي للغاز الطبيعي.
يُشير مراقبون إلى أن البنود المعلنة للاتفاق تتضمن التزامات أوروبية باستيراد كميات أكبر من الغاز الطبيعي الأمريكي، خاصة الغاز المسال، والتي قد تبلغ خلال السنوات المقبلة مئات مليارات الدولارات. هذا التحول، المدفوع بضغوط الولايات المتحدة لزيادة حصتها في السوق الأوروبية، يثير مخاوف بشأن احتمال تراجع حجم صادرات الغاز الجزائري إلى القارة العجوز.
ومع ذلك، يؤكد محللون أن الغاز الجزائري لا يزال يحتفظ بميزات تنافسية مهمة. أولها القرب الجغرافي، الذي يمنح الجزائر ميزة تقليل تكاليف النقل وسرعة الإمداد عبر خطوط الأنابيب المباشرة مع جنوب أوروبا، لا سيما مع إيطاليا وإسبانيا. كما أن الاعتماد المتبادل طويل الأجل بين الجزائر وأوروبا في مجال الطاقة جعل من الجزائر شريكاً أساسياً يصعب الاستغناء عنه في المدى القريب.
علاوة على ذلك، فإن الاتفاق الأوروبي الأمريكي يواجه تحديات عدة، من أبرزها ارتفاع تكلفة شحن الغاز المسال الأمريكي، واستمرار الطلب الأوروبي على مصادر طاقة أكثر استقراراً وأقل تقلباً في الأسعار. ووفقاً لخبراء في قطاع الطاقة، فإن أوروبا تسعى إلى تنويع مصادرها وليس استبدال مصدر بآخر بالكامل، لتفادي المخاطر الجيوسياسية وتقلبات السوق.
في ضوء هذه التحولات، يرى مختصون أن الفرصة ما زالت متاحة أمام الجزائر لتعزيز مكانتها كمورد موثوق للطاقة، عبر التحديث المستمر لبنيتها التحتية وتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع الشركاء الأوروبيين. كما أن الحفاظ على تنافسية الأسعار وجودة الإنتاج سيمنح الجزائر هامش مناورة أوسع أمام التحولات الاستراتيجية الدولية.
بناءً على ما سبق، لا يبدو أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يُشكل تهديداً مباشراً في الوقت الراهن لمكانة الغاز الجزائري في أوروبا، لكنه يدفع الجزائر إلى مواصلة تطوير قطاعها الطاقوي ومتابعة ديناميكية الأسواق العالمية، لضمان حصتها وحماية مصالحها الوطنية في المستقبل.