توتر جديد بين فرنسا والجزائر وسط قرارات دبلوماسية متبادلة
شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية تصاعداً جديداً في وتيرة الأزمات الدبلوماسية خلال عام 2025، بعد سلسلة من الحوادث التي عمّقت التوتر بين البلدين. فقد اندلعت أزمة جديدة عقب حادثة اختطاف مؤثرة اجتماعية جزائرية، الأمر الذي فجر موجة من الاتهامات والإجراءات الدبلوماسية المتبادلة بين العاصمتين.
تعود جذور الأزمة الراهنة إلى ربيع 2024، حين أعلنت فرنسا موقفاً مؤيداً للمغرب في قضية الصحراء الغربية، ما أثار استياء عميقاً لدى الجزائر التي تعتبر النزاع جزءاً حساساً من أمنها القومي وسيادتها. توترت العلاقات أكثر بعد فتح السلطات الفرنسية إجراءات قانونية ضد ثلاثة جزائريين، من بينهم موظف في القنصلية الجزائرية في فرنسا، على خلفية قضية الاختطاف.
ردت الجزائر بإعلانها طرد عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين، لتقوم فرنسا لاحقاً بالرد بالمثل، فاستدعت سفيرها لدى الجزائر للتشاور وأعلنت طرد دبلوماسيين جزائريين من الأراضي الفرنسية. هذا التصعيد تبعه موجة من المواقف والتصريحات السياسية من الجانبين، حيث يرى محللون أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه ضغوطاً داخلية متزايدة، خاصة بوجود مطالب من اليمين الفرنسي لاتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه الجزائر، بالتزامن مع صعود قوى اليمين في المشهد السياسي الفرنسي.
لا تقتصر مؤشرات الأزمة على الإجراءات الدبلوماسية، بل امتدت إلى ملفات حساسة مثل قضية التأشيرات والتعاون الأمني، وحتى مصير الجالية الجزائرية الكبيرة المقيمة في فرنسا. من جهته، أكدت الجانب الجزائري التمسك بموقفه الرافض لأي “تدخل أو إملاءات خارجية”، مطالباً باحترام سيادة البلاد واستقلال قراراتها.
يرى خبراء أن هذه الأزمة تأتي ضمن سياق تاريخي معقد للعلاقة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة، حيث تستمر الملفات الاستعمارية والتنافس الإقليمي في تشكيل مشهد العلاقة الثنائية. التوتر الأخير يظهر حجم الهشاشة التي تطبع العلاقات، وصعوبة بناء شراكة مستقرة في ظل تراكم الخلافات القديمة والجديدة.
وعلى الرغم من وجود قنوات رسمية للحوار بين البلدين، يبقى مستقبل العلاقات رهين إدارة الطرفين للأزمة الحالية وقدرتهما على احتواء التداعيات، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.