مقارنة مؤرخ فرنسي بين أحداث غزة وتجربة الجزائر الاستعمارية
أثار أحد المؤرخين الفرنسيين نقاشًا واسعًا بعد أن أشار في تحليله للتطورات الأخيرة في قطاع غزة إلى وجود تشابهات تاريخية بين السياسات التي تتبعها إسرائيل اليوم والممارسات التي لجأت إليها فرنسا خلال احتلالها للجزائر في القرن الماضي.
وقد أوضح المؤرخ الفرنسي، الذي يتمتع بخبرة واسعة في قضايا الاستعمار وتاريخ شمال إفريقيا، أن الأساليب التي استخدمتها السلطات الفرنسية لقمع نضال الجزائريين من أجل الاستقلال، من حصار وتجويع وقصف مكثف، لا تختلف كثيرًا عن الإجراءات المعتمدة حالياً ضد الفلسطينيين في غزة. وأشار إلى أن التاريخ يُظهر أن مثل هذه الاستراتيجيات ربما تحقق سيطرة مرحلية، لكنها غالبًا ما تؤدي إلى تصاعد المقاومة وازدياد النقمة الشعبية على المدى البعيد.
في حديثه لإحدى القنوات الفرنسية، تطرق المؤرخ إلى شواهد تاريخية، منها لجوء القوات الفرنسية لاستخدام العقوبات الجماعية ضد القرى الجزائرية وتكثيف العمليات العسكرية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وتفاقم الأوضاع الإنسانية. وأضاف أن هذه السياسة لم تثنِ عزيمة الجزائريين، بل شجعتهم على مواصلة كفاحهم حتى نيل الاستقلال عام 1962.
أما بخصوص الوضع الراهن في غزة، فقد أكد المؤرخ أن التشابه لا يقتصر فقط على الأساليب، بل يمتد أيضًا إلى النتائج المتوقعة؛ حيث تبدو المقاومة الفلسطينية أكثر تصميمًا في مواجهة الحصار والعمليات العسكرية رغم الخسائر الكبيرة. ويرى أن تجاهل الدروس المستفادة من التجربة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر قد يفاقم الأزمة بدل أن يسهم في إيجاد حل عادل ودائم.
وأشار المؤرخ أيضًا إلى أن فرنسا اليوم، وبعد عقود من الاستقلال الجزائري، ما زالت تعاني سياسيًا وأخلاقيًا من تبعات الحقبة الاستعمارية وتداعياتها، حيث يتجدد النقاش بشكل مستمر حول الاعتراف الرسمي بجرائم الماضي وجبر الضرر للضحايا.
يرى مراقبون أن هذه المقارنات التاريخية تكتسب أهمية متزايدة في ظل سعي المجتمع الدولي لإيجاد مقاربة أكثر إنسانية وعدلاً في التعامل مع النزاعات الحالية، خاصة أن تجارب الماضي أثبتت محدودية الحلول الأمنية القائمة على القوة العسكرية والعقاب الجماعي. ويؤكد هؤلاء أن أي تسوية دائمة تتطلّب الاعتراف بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتعامل مع الأسباب العميقة للأزمات القائمة.
هكذا، تضع تحليلات المؤرخ الفرنسي النقاط على الحروف بشأن الحاجة الماسة لاستخلاص الدروس من التاريخ ومنح أولوية للحوار والعدالة بهدف إنهاء دوامات العنف والمعاناة في مناطق النزاع العالمية.