مهاجرة جزائرية تواجه صعوبة في تجديد إقامتها بعد نصف قرن في فرنسا

عاشت سيدة جزائرية أكثر من خمسين عامًا في فرنسا، حيث أسست حياتها وبنت أسرة وارتبطت بمجتمعها بشكل عميق. رغم هذه السنوات الطويلة من الاستقرار والمساهمة في المجتمع الفرنسي، فوجئت مؤخرًا بصعوبة كبيرة في تجديد بطاقة إقامتها، الأمر الذي يعكس التحديات المتصاعدة التي يواجهها المهاجرون القدامى في ظل التغيرات القانونية والإجراءات الجديدة فيما يتعلق بالإقامة.

خلال العقود الأخيرة، شكلت الجزائر إحدى أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة في فرنسا، وخاصة منذ سبعينيات القرن العشرين. كثير من هؤلاء الأشخاص أضحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الفرنسي، حيث أسهموا اقتصاديًا وثقافيًا وشاركوا في الحياة العامة. غير أن السنوات الأخيرة شهدت تشديدًا ملحوظًا في سياسات الهجرة، خاصة مع صدور قوانين جديدة كتلك التي دخلت حيز التنفيذ في بداية عام 2024، والتي وضعت معايير أكثر صرامة لمنح وتجديد تصاريح الإقامة.

وأشارت السيدة، التي رفضت الكشف عن اسمها لأسباب شخصية، إلى أنها باتت مضطرة للانتظار لفترات طويلة ومعقدة للحصول على أمر تجديد إقامتها، رغم استيفاء كل الشروط وتقديم جميع الوثائق المطلوبة في الموعد. وقد تصاعدت مشاعر القلق لديها بسبب الإجراءات الإدارية الجديدة، أهمها تحول معظم المعاملات إلى النظام الرقمي، ما شكّل عبئًا إضافيًا على كبار السن غير المتمكنين من استعمال التكنولوجيا.

يؤكد مختصون في قضايا الهجرة أن مثل هذه الحالات أصبحت شائعة في الآونة الأخيرة، مع تعقد المساطر الإدارية وتزايد الطلبات على الإدارات المختصة. وذكروا أن القانون الجديد الصادر في يناير 2024 حدّد سقفًا لعدد مرات تجديد بعض الوثائق، كما قيّد أسباب الحصول على الإقامة الدائمة. كل ذلك فاقم من مشكلات المهاجرين المقيمين منذ عقود، والذين وجدوا أنفسهم في مواجهة خطر فقدان وضعهم القانوني فجأة.

من جانبها، تطالب جمعيات حقوق الإنسان بتسهيل الإجراءات وتدارك ثغرات القوانين الحالية، حتى لا يجد من عاشوا سنوات طويلة في فرنسا أنفسهم مهددين بالطرد أو بانعدام الاستقرار. وتؤكد أن استمرارية إقامتهم أمر طبيعي وإنساني خاصة لمن أثبتوا اندماجهم ومساهمتهم في المجتمع.

هذه القضية تبرز الحاجة الملحة لمراجعة السياسات المعتمدة تجاه المهاجرين القدامى، بحيث يتم احترام حقهم في الإقامة وضمان كرامتهم، تقديرًا للسنوات الطويلة التي أمضوها في خدمة المجتمع الفرنسي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *