تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الاقتصاد الجزائري

في ظل التغييرات الأخيرة في السياسة التجارية الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 30٪ على بعض واردات الجزائر إلى الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى ما وصفه بسياسة “المعاملة بالمثل التجارية” بدءًا من يوليو 2025. يثير هذا القرار جملة من التساؤلات حول انعكاساته على الاقتصاد الجزائري والعلاقات التجارية بين البلدين.

تاريخياً، حافظت العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والولايات المتحدة على مستويات مستقرة من التبادل التجاري، حيث بلغ إجمالي التجارة بين البلدين نحو 3.5 مليار دولار في عام 2024. وتتركز أغلب الصادرات الجزائرية إلى السوق الأمريكية على النفط والغاز وبعض المنتجات الكيميائية.

لكن مع فرض رسوم جمركية بهذا الحجم، تواجه الصادرات الجزائرية صعوبة في المنافسة داخل السوق الأمريكية، إذ يرتفع سعر المنتجات الجزائرية مقارنةً بمنتجات دول أخرى غير مشمولة بالرسوم ذاتها. وهذا قد يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها، ويضغط على الشركات الجزائرية ويسبب تراجعاً في عائدات العملة الصعبة من الصادرات الأمريكية.

ومع أن الحكومة الجزائرية لم تعلن بعد عن رد رسمي شامل، ترتفع الأصوات الداعية إلى تنويع الأسواق الدولية والتركيز على إبرام اتفاقيات مع شركاء آخرين في أوروبا وآسيا لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية. كما تدعو بعض الأطراف الاقتصادية في الجزائر إلى تحسين تنافسية المنتجات المحلية من ناحية الجودة والتكلفة، من أجل مواجهة أي عراقيل تجارية جديدة.

تتوقع الجهات المختصة أن تتأثر بعض القطاعات الأخرى بشكل غير مباشر، مثل قطاع الشحن والخدمات اللوجستية المرتبطة بالصادرات نحو الولايات المتحدة. كذلك قد يتأثر مناخ الاستثمار الأجنبي في الجزائر، إذ قد تتردد بعض الشركات الأمريكية في تعزيز استثماراتها في البلاد في ظل التوتر التجاري الراهن.

ومع استمرار الضغوط الاقتصادية العالمية، تجد الجزائر نفسها اليوم أمام تحديات جديدة تتطلب مراجعة استراتيجياتها الاقتصادية وتطوير قدراتها التصنيعية وتوسيع قاعدة شركائها التجاريين.

باختصار، تشكل الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة اختباراً حقيقياً لمرونة الاقتصاد الجزائري وقدرته على التأقلم في وجه السياسات التجارية الدولية المتغيرة، مما يدفع نحو مزيد من الإصلاحات وتنويع الشراكات الاقتصادية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *